Loader

الجمعة 12 رجب 1446 هـ - 10 يناير 2025 م


الرئيسية / جامعتي / البحوث / بحوث ومقالات / التاريخانية وقدسية النص القرآني

التاريخانية وقدسية النص القرآني

الأربعاء / 21 أغسطس - 2024 م
70
0


التاريخانية وقدسية النص القرآني 

المستخلص

وقع الاختيار على هذا الموضوع الذي وسمته بـ (التاريخانية وقدسية النص القرآني)؛ نظرًا لأهميته التي يستمدها من وجوب الذود والدفاع عن كتاب الله الكريم، والترفع به عن أوساط النصوص البشرية القابلة للنقد والتمحيص، في ظل الدعوات المتكررة للتعامل مع النص القرآني كأي نص أدبي آخر، من خلال قراءته، وتفسيره، وتفكيكه ضمن مناهج نقدية حديثة، وقع اختياري على منهج التاريخانية منها.

وقد جاءت هذه الدراسة لتجيب عن سؤال فحواه: ما مدى قابلية قراءة النص القرآني من خلال المنهج التاريخاني؟ وقد انبثق من هذا السؤال سؤالات أخرى: ما المقصود بالمنهج التاريخاني؟ وما الأسس الفلسفية التي بني عليها؟ وأين كانت نشأة المنهج؟ وهل ظهوره في الفكر العربي يعد تجديدًا أم امتدادًا لبداية سابقة؟

ويهدف البحث إلى:

- الكشف عن حقيقة المنهج التاريخاني ضمن إطاره الفلسفي، والبيئة التي نشأ فيها.

- مدى ملاءمة المنهج التاريخاني لقراءة النص القرآني من عدمه.

- بيان خطورة استعمال المناهج الحديثة في قراءة النص القرآني.

وقد اقتضت طبيعة البحث تقسيمه إلى مقدمة تحدثت من خلالها عن مشكلة البحث وأهدافه، وتمهيد عرّفت فيه بالمنهج التاريخاني، وتاريخ نشأته، والبيئة التي نشأ فيها، ثم تلا ذلك ثلاثة مباحث تتناول المنهج التاريخاني من عدة جوانب، وهي: المبحث الأول: نشأة المنهج التاريخاني وامتداده نحو الفكر العربي، المبحث الثاني: التاريخانية وقراءة النص، المبحث الثالث: علاقة النص الأدبي بالتاريخ وأثرها على النص القرآني.

مقدمة

ظهر في عصرنا الحديث العديد من المفاهيم التي تشكلت في رحم المناهج الغربية الحديثة للقراءة المعاصرة، حيث نشأت هذه المفاهيم؛ لتمارس مناهج جديدة في قراءة النصوص البشرية المعاصرة، وفق رؤية جديدة تكاد تُخرج معنى المقروء عن سياقاته التي كتب لأجلها النص، الذي أنشأه المبدع ضمن رؤيته وفكره.

ومن تلك المناهج المعاصرة ما يسمى بالمنهج التاريخاني، وهو منهج يرى أن الظواهر المختلفة، اجتماعية أو ثقافية، إنما تتحدد بناء على التاريخ؛ فالتاريخ هو اللبنة الأساس في تشكّل أي مجتمع وبنائه. بل يتجاوز المنهج التاريخاني هذا المستوى؛ ليكون العنصر الأهم في دراسة الأديان، والمجتمعات، والفكر، والتطور البشري بصورة عامة.

ويعد المنهج التاريخاني التاريخَ المبدأ الوحيد لدراسة كل ما يخص الإنسان، بما في ذلك الدين، وبالتالي فهو ينفي جميع العوامل الأخرى المتصلة بالدين بما في ذلك الوحي والرسالة.

ومن هنا جاءت أهمية هذه الدراسة، ووقع الاختيار على هذا الموضوع الذي وسمته بـ (التاريخانية وقدسية النص القرآني)؛ نظرًا لأهميته التي يستمدها من وجوب الذود والدفاع عن كتاب الله الكريم، والترفع به عن أوساط النصوص البشرية القابلة للنقد والتمحيص، في ظل الدعوات المتكررة للتعامل مع النص القرآني كأي نص أدبي آخر، من خلال قراءته وتفسيره وتفكيكه ضمن مناهج نقدية حديثة.

وقد جاءت هذه الدراسة لتجيب على سؤال فحواه: ما مدى قابلية قراءة النص القرآني من خلال المنهج التاريخاني؟ وقد انبثق عن هذا السؤال سؤالات أخرى: ما المقصود بالمنهج التاريخاني؟ وما هي الأسس الفلسفية التي بني عليها؟ وأين كانت نشأة المنهج؟ وهل ظهوره في الفكر العربي يعتبر تجديدًا أم امتدادًا لبداية سابقة؟

ويهدف البحث إلى:

- الكشف عن حقيقة المنهج التاريخاني ضمن إطاره الفلسفي، والبيئة التي نشأ فيها.

- مدى ملاءمة المنهج التاريخاني لقراءة النص القرآني من عدمه.

- بيان خطر استعمال المناهج الحديثة في قراءة النص القرآني.

وقد قسمت البحث إلى مقدمة جاء الحديث فيها عن مشكلة البحث وأهدافه، وتمهيد جاء فيه التعريف بالمنهج التاريخاني وتاريخ نشأته والبيئة التي نشأ فيها، ثم جاءت الدراسة بثلاثة مباحث تتناول المنهج التاريخاني من عدة جوانب، وهي: المبحث الأول: نشأة المنهج التاريخاني وامتداده نحو الفكر العربي، المبحث الثاني: التاريخانية وقراءة النص، المبحث الثالث: علاقة النص الأدبي بالتاريخ وأثرها على النص القرآني.

الدراسات السابقة

كان موضوع المنهج التاريخاني محور عمل العديد من النقاد والمفكرين، ولا يزال كذلك. وقد اطلعت على العديد من الدراسات التي ناقشت هذا المنهج، بعض هذه الدراسات كان موضوعها الأساس ومحورها هو المنهج التاريخاني، وناقشتْ دراسات أخرى المنهج التاريخاني في معرض الحديث عن المناهج النقدية الحديثة ضمن مباحث وفصول خاصة به.

ومن هذه الدراسات:

- العلمانيون والقرآن الكريم "تاريخية النص" لأحمد إدريس الطعان، وهي دراسة صادرة عن دار ابن حزم بالسعودية، وقف فيها الباحث على الأصول الفلسفية التي انطلق منها المنهج التاريخاني، متتبعًا بعد ذلك امتداده نحو العالم العربي. وقد ناقش الباحث من خلال دراسته العديد من المآخذ على المنهج، وتتبع محاولات التقريب بين المنهج وبين النص القرآني، ويمكن عدّ هذه الدراسة الأوسع بحثًا في المنهج التاريخاني.

- القراءات الحداثية للقرآن لطارق حجي، من إصدارات مركز تفسير للدراسات القرآنية، وقد تركزت دراسته على تناول القراءات الحداثية للقرآن منعطفا خاصا وخطابا ضمن الخطاب الحداثي العربي والإسلامي في تعامله مع الحداثة والإسلام، حيث أفرد فصلاً خاصا تحدث من خلاله عن تأسيس التاريخانية.

- ظاهرة التأويل الحديثة في الفكر العربي المعاصر لخالد بن عبد العزيز السيف، من إصدارات مركز التأصيل للدراسات والبحوث. وتناول الباحث في فصل خاص نظرية تاريخية النص، وبين من خلال هذا الفصل أهم الدعاة إلى مذهب التاريخانية في قراءة النص، كنصر أبو زيد، ومحمد أركون. والمنطلقات التي ينطلقون منها في إثبات صحة دعواهم في استعمال المنهج.

- القراءة الحداثية للنص القرآني في ضوء تحليل الخطاب لحكيم سلمان السلطاني، من إصدار دار كنوز المعرفة بجدة، وقد أفرد الباحث فصلا خاصا تحدث من خلاله عن القرآن بوصفه منتجًا تاريخيًا – ثقافيا، وفصّل في ذلك من خلال حديثه عن تاريخية النص، وحاكمية النص.

- القراءة الحداثية المعاصرة للقرآن الكريم في المغرب العربي وأثر الاستشراق فيها، محمد آركون نموذجًا، وهي دراسة علمية عقلية ردّت على فكرة محمد آركون وأثرها الاستشراقي. وقف فيها الباحث على مؤلفات آركون موقف الفاحص الباحث عن الحقيقة، وتعرّض بجلاء للمنهج التاريخاني، وعرض أهم أفكاره، ثم ردّ عليها.

- جلاء الحداثة لمحمد السعيدي وعلي العمران، من إصدارات دار سلف للنشر والتوزيع، أفرد الباحثان بابا للحديث عن تاريخية النص القرآني، وعن مفهومه ونشأته، ودخوله إلى الفكر الإسلامي. ثم ختما الباب ببيان بطلان المنهج التاريخاني في قراءة النص القرآني.

وتختلف هذه الدراسة عن الدراسات السابقة في كونها تناقش المنهج التاريخاني من منظور أدبي نقدي، تستظهر من خلاله جوانب الخلل في ممارسات القراءة للنص القرآني من خلال المناهج النقدية الغربية، وتبين بجلاء قصور المنهج التاريخاني في قراءة النص المقدس، وتجعل القارئ للنص القرآني أمام وجهتين، فهو إما أن يتبنى المنهج النقدي كما هو عند قراءة النص القرآني، ومن ثم سيتبنى سواء أراد أم لم يرد تلك المضامين والتوجهات الفكرية التي شكلت تلك المناهج، ومثل ذلك التطبيق سيؤدي في الأغلب إلى إساءة فهم المادة الأدبية موضوع التحليل النقدي. والوجهة الثانية أن يقرأ النص من خلال تغييرات جوهرية في المنهج تجعل من الصعب القول بأن المنهج المطبق هو المنهج الأصلي ذاته؛ لأنها ستخرجه عن السياق الذي وضع لأجله.
 

تمهيد

إشكال المصطلح: التأريخ والتاريخية والتاريخانية

جاء في اللسان: "التأريخ: تعريف الوقت، والتوريخ مثله. ‌أرخ الكتاب ليوم كذا: وقته"، «فمعنى قولهم فعلت في تاريخ كذا فعلت في وقت الشيء الذي ينتهي إليه". فالتاريخ من خلال هذين التعريفين هو زمن وقوع الحدث، والتأريخ هو تسجيل هذه الوقائع وتحديد زمن حدوثها.

ولعل من أشمل التعريفات لمصطلح التاريخ، هو ما أورده ابن خلدون في مقدمته حين قال:" هو في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيّام والدّول، والسّوابق من القرون الأول، تنمو فيها الأقوال، وتضرب فيها الأمثال، وتطرف بها الأندية إذا غصّها الاحتفال، وتؤدّي لنا شأن الخليقة كيف تقلّبت بها الأحوال، واتّسع للدّول فيها النّطاق والمجال، وعمّروا الأرض حتّى نادى بهم الارتحال، وحان منهم الزّوال، وفي باطنه نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيّات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يعدّ في علومها وخليق".

أما التاريخية والتاريخانية فيرى العديد من الباحثين أنهما يمثلان المعنى ذاته في حقل الدراسات الأدبية، فالتاريخانية هي:" نزعة ترمي إلى تفسير الأشياء، في ضوء تصورها التاريخي. وهي في الأدب: دراسة لحركة أدبية، باعتبارها وظيفة التطور الفني، والسياسي، والاجتماعي، والديني في مجتمع ما".

أما روبير فيقول:" بأنها العقيدة التي تقول بأن كل شيء أو كل حقيقة تتطور مع التاريخ وهي تهتم أيضا بدراسة الأشياء والأحداث وذلك من خلال ارتباطها بالظروف التاريخية".

وقد خالفهم في ذلك محمد أركون الذي يعد التاريخانية" هي التي تقول بأن كل شيء أو كل حقيقة تتطور مع التاريخ، وتهتم بدراسة الأشياء، والأحداث، من خلال ارتباطها بالظروف التاريخية، أما التاريخية فهي التي تسمح وحدها بتجاوز الاستخدام اللاهوتي، أو القومي". وهو بذلك يريد تجاوز الحدود المضروبة بسياج الشريعة.

ويرى أندريه لالاند من خلال موسوعته الفلسفية أن التاريخية هي" المذهب الذي يرى الحقوق، شيمة اللغات والعادات، هي نتاج إبداعٍ جماعي، غير واع وغير إرادي، إبداع يتناهى في لحظة انصباب الفكر عليه؛ ولا يمكن لاحقًا تبديله صراحة، ولا فهمه وتأويله بطريقة أخرى غير طريقة دراسته التاريخية".

ويعرّف جميل صليبا التاريخية فيقول:" هي القول إن الأمور الحاضرة ناشئة عن التطور التاريخي، ويطلق هذا اللفظ أيضًا على المذهب القائل أن اللغة، والحق، والأخلاق، ناشئة عن إبداع جماعي، لا شعوري، ولا إرادي، وإن هذه الأمور قد بلغت الآن نهايتها، وأنك لا تستطيع أن تبدل نتائجها بالقصد ولا أن تفهمها على حقيقتها إلا بدراسة تاريخها".

المبحث الأول: النشأة والتمدّد

عانت البيئة الغربية طويلاً في ظل انعدام المنهج الدقيق والموثوق في نقل الأحداث والأحوال والوقائع المتقدمة، ولعله السبب في احتضانها المذهب التاريخي الذي كان بناؤه وفق مفهوم خاص يقوم على معايير خاصة بالبيئة الغربية. ولعل سبب النشأة يكمن في ظهور العديد من التناقضات بين النصوص في الكتب المقدسة، أو تصادم تلك النصوص مع العلم. وبين تصاعد أصوات إقصاء الكتاب المقدس وتحييده عن المشهد للأسباب الماضية، وبين رغبة المجتمع الأوروبي المتجه للإلحاد ورغبته في التمسك بشيء من موضوعية الكتب المقدسة ومصداقيتها، نشأت فكرة التمسك بهذه الكتب ومحتواها ضمن سياق زمكاني محدد لا تتجاوزه .

كان الظهور الأول لمصطلح التاريخانية ضمن دراسة للمستشرق الألماني تيودور نيلدكه ضمن كتابه المعنون بـ (تاريخ القرآن)، حيث ناقش فيه العديد من المباحث المتعلقة بزمن الأحداث المرتبطة بالنص القرآني، وربطها بزمن محدد يتماشى فيه النص مع طبيعة الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية، ويمكن عد هذه الدراسة أولى الخطوات الصريحة التي استعملت هذا المنهج في قراءة النص القرآني. تلت هذه الخطوة العديد من المحاولات الاستشراقية المتتابعة لتطبيق المنهج التاريخاني، انطلاقًا من تعريف روبير للتاريخانية بأنها" العقيدة التي تقول بأن كل شيء أو كل حقيقة تتطور مع التاريخ وهي تهتم أيضا بدراسة الأشياء والأحداث وذلك من خلال ارتباطها بالظروف التاريخية".

ومع تزايد هذه الدراسات الغربية وظهورها في استعمال المنهج التاريخاني لدراسة النصوص؛ أخذ هذا المنهج في الظهور عند الدارسين والمثقفين العرب، ويمكن عد عبد الله العروي أول من استعمل هذا المصطلح حين حدد التاريخانية من خلال أربع مقومات:

- صيرورة الحقيقة.

- إيجابية الحدث التاريخي.

- تسلسل الأحداث.

- مسؤولية الأفراد. (بمعنى أن الإنسان هو صانع التاريخ).

ظهر مصطلح التاريخانية بعد ذلك من خلال محمد أركون أثناء مؤتمر عقد في باريس ومن خلال ورقة علمية تقدم بها متحدثا عن تحليل القرآن على مستوى المفردات والأساليب الأدبية المستعملة، قال بعد ذلك:" أريد لقراءتي هذه أن تطرح مشكلة لم تطرح عمليا قط بهذا الشكل من قبل الفكر الإسلامي، ألا وهي: تاريخية القرآن، وتاريخية ارتباطه بلحظة زمنية وتاريخية معينة، حيث كان العقل يمارس آليته وعمله بطريقة معينة ومحددة".

يأتي هاشم صالح بعد ذلك؛ محاولاً تفسير التاريخية قائلاً:" المقصود بالتاريخية هنا وفي كل مكان: الأصل التاريخي للتصرفات، والمعطيات، والحوادث التي تُقدّم، وكأنها تتجاوز كل زمان ومكان وتستعصي على التاريخ".

وممن حاول تفسير مفهوم التاريخية عند أركون تركي الربيعو، ويقول في ذلك:" إن التاريخية عند أركون هي محاولة لفهم عملية الأسطرة التي طالت الحدث التاريخي التأسيسي الأول، وحولته إلى حدث أسطوري بحيث يظهر على أنه تجل لإرادة الله في صنع التاريخ".

أما حسن حنفي فقد أورد مصطلح التاريخية عند حديثه عن المنهج الكلي في تفسير القرآن، فيرى أن المنهج التاريخي" يعتبر النص مصدرًا للمعلومات التاريخية يستقيها من خارجه، ومعظمها من الإسرائيليات وتاريخ الأديان السابقة في شبه الجزيرة العربية؛ لذلك ارتبط بعلم التاريخ".

ويورد نصر أبو زيد التاريخية فيقول:" التاريخية هنا تعني الحدوث في الزمن، حتى لو كان هذا الزمن هو لحظة افتتاح الزمن وابتدائه، إنها لحظة الفصل والتمييز بين الوجود المطلق المتعالي – الوجود الإلهي – والوجود المشروط الزماني".

ولعلنا بعد هذا العرض المتسلسل الموجز لفهم التاريخية أو التاريخانية عند النقاد العرب والغرب، نفهم معنى هذه النزعة التي تجعل الحيز الزمني محورًا لانطلاق النصوص، والمفاهيم، والظواهر الاجتماعية، بعيدًا عن أي مؤثر آخر، فالمرحلة التاريخية وحدها الكفيلة ببروز الحياة ومظاهرها المختلفة، وفق مرحلة زمنية محددة.

المبحث الثاني: التاريخانية وقراءة النص

للتاريخانية اتصال وثيق بالعلوم الإنسانية على مختلف اتجاهاتها ومناحيها، ولكن اتجاه التاريخانية نحو قراءة النص الأدبي تحديدًا، هو ما يهمنا في هذا البحث. فالتاريخانية تسعى" إلى قراءة النص الأدبي في إطاره التاريخي والثقافي، حيث تؤثر الأيديولوجيا وصراع القوى الاجتماعية في تشكّل النص، وحيث تتغير الدلالات وتتضارب حسب المتغيرات التاريخية والثقافية".

ومن هذه النقطة تحديدًا ينشأ الإشكال القائم على عمل هذا المنهج الذي يتعاطى النصَّ مُخرجًا من مخرجات زمنٍ ومكانٍ نتج عنهما، وعاش فيهما. فالنص عند القائلين بهذا المنهج ليس إلا مُخرج زمن ومكان محدودين بمدة زمنية وموقع محدد، كما هو الحال في العادات، والتقاليد، والأعراف التي تنشأ في مرحلة معينة وفق تأثيرات خاصة بمرحلة زمكانية محددة.

من المهم قبل أن نلج إلى ما يمكن أن ندعوه – مجازًا - طريقة قراءة النص الأدبي، أن نلتفت ونعرف أن ثمة اختلافا في فهم المذهب التاريخي بين تاريخانيته كما يسميه العروي، وتاريخيته كما نجده عند أركون، وقد أوردت هذا الملمح في فقرة سابقة. فيرى العروي أن النص الأدبي يُقرأ وفق ظروف المرحلة التي نشأ فيها، زمنية، ومكانية، وثقافية، واقتصادية...، بعيدًا عن الأسطورة، والخيالات، والأوهام، و(الغيبيات)، التي لا تشكل واقعًا ماديًّا معيشًا، فالتاريخ عند العروي يجب أن يكون ماديا محسوسا ليحكم على تأثيره في النص المقروء.

أما أركون فيرى أن من الخطأ أن يقرأ النص الأدبي بمنأى عن كل ما يحوطه من أحداث ووقائع وظروف، إلا أنه يضيف ما أنتجته الحقبة التاريخية من خيالات وأوهام وأساطير قد تكون محركًا وباعثًا للعديد من الأحداث التي قد خفي علينا سبب انبعاثها. ويقول في ذلك:" إن تمييزنا بين التاريخانية والتاريخية يأخذ هنا أهمية خاصة ونموذجية: ذلك أنه في الحالة الأولى (حالة التاريخانية) فإن الأمر يتعلق بمنهج تكنيكي يكتفي بتسجيل الوقائع التاريخية وترتيبها في خط زمني متواصل تُقرأ فيه البدايات والأصول والتأثيرات والأحداث من كل نوع، وأما في الحالة الثانية فإننا نجد أن الروح المغموسة في التاريخ الماضي والحاضر للجماعة، تتساءل، بالإضافة إلى ما سبق، معنى ودلالة القوى التي تضغط عليها، وعن الوسائل التي تمكّنها من السيطرة على هذه القوى". ثم يضيف أركون أثر الاختلاف بين قراءته وقراءة العروي للنص الأدبي في حقل التاريخية، فيقول:" أن نتبصّر التاريخية ونفكر فيها أمر يعني إعادة إدخال كل ما تمحوه التاريخانية عادة، أو تتجنبه باحتقار".

بين النظر وإمكان التطبيق

نشأت هذه المناهج النقدية وفق فلسفة غربية تتواءم مع طبيعة الحياة الغربية ومعتقداتها، فأرباب هذه المناهج غربيون أصلاً ومنشأ، أما المناهج النقدية هذه فهي نتاج فلسفة غربية تحمل خصائص ثقافية، وحمولات فكرية ناتجة عن المجتمع ذاته الذي يعيش فيه ممارسو هذه المناهج الفكرية المتنوعة.

أما الفلسفات التي انطلقت منها هذه المناهج فهي عمادها الذي لا تنفك عنه، وهي الأساس الذي ينبني عليه المنهج الموسوم بالتاريخاني. وهنا موضع الإشكال، حين يراد تطبيق هذه المناهج في قراءة النص الأدبي الذي يكون نتاج بيئة مغايرة تمامًا، لا تكاد تشترك مع تلك البيئات في أي منحى، وخاصة الجانب العقدي. وهنا يكمن الإشكال الكبير عند مريدي التطبيق لهذه المناهج الفكرية الغربية على نصوص العرب والمسلمين. فهذه المناهج" بوصفها نظريات، أو مقاربات، أو أدوات بحثية تحليلية للأدب، تحمل مضامين ثقافية تجعلها متلائمة مع بيئتها الحضارية الغربية، وأن الناقد غير الغربي، ونقصد به هنا الناقد الذي يحمل ثقافة عربية إسلامية، مضطر إن هو أراد تطبيق أيٍّ من تلك المناهج على أدب أنتجته تلك الثقافة العربية إلى سلوك أحد سبيلين:

1 - أن يطبق تلك المناهج كما هي، وبالتالي يتبنى سواءً أراد أم لم يرد المضامين والتوجهات الفكرية التي شكلت تلك المناهج، ومثل ذلك التطبيق سيؤدي في الأغلب إلى إساءة فهم المادة الأدبية موضوع التحليل النقدي.

2 - أن يُحدث تغييرًا جوهريًا في المنهج الغربي الذي يطبّقه إلى حد يجعل من الصعب القول بأن المنهج المطبق هو المنهج الأصلي ذاته.

أما القول بإمكانية فصل المنهج عن سياقه دون إحداث أية تغييرات، أو بعد إدخال تعديلات طفيفة، فهو نوع من الوهم الذي سرعان ما يتكشف تحت محك التحليل التاريخي للخلفية الثقافية الفلسفية التي تحملها تلك المناهج".

ويزداد الأمر سوءًا حين تقوم هذه المناهج النقدية مقام علم التفسير، بمحاولات بائسة لقراءة نصوص الوحي، في مقاربة عقيمة تجعل من النص المقدس نصًّا قابلاً للقراءة الثانية والثالثة ...، كما تدعو إليه بعض هذه المناهج النقدية دون استثناءات تذكر، وذلك بعدّ نصوص الوحي تحكي نوعًا من القصص غابت عن الحيز الزمكاني الذي تدعو التاريخانية لاستدعائه وحيدًا عند قراءة النص، بعيدًا عن كل ما هو غيبي غير محسوس! وهذا ما دعا إليه عبد الله العروي عند تفسيره التاريخانية.

لقد اعتاد النقاد النظر إلى النص الأدبي وتسليط الضوء عليه من حيث هو نص يضيء التاريخ، لكن العلاقة بينهما علاقة استقلال بحيث يكون التاريخ مستقلا عن النص، والعكس صحيح. جاء النقاد التاريخانيون بعد ذلك فعكسوا هذا الوضع وغيروه تغييرا جذريا، وذلك بالنظر إلى النص الأدبي بوصفه جزءا من التاريخ ومن الظروف التي وُلد بها، وبذلك هو يتخفف كثيرا من استقلاليته التي كان النقاد الجدد يصرون عليها. فالنص الأدبي يصبح بذلك جزءا من التاريخ الذي تكوّن فيه، ويفقد الكثير مما يعتبره النقاد التاريخانيون نوعًا من القدسية التي أضفيت عليه وجعلته متجاوزًا للتاريخ. وهم بذلك يريدون "إعادة النظر في كل المسلمات التراثية والعقائد الدينية التي يتلقاها المسلم منذ الطفولة"، ومن ثم  يصلون إلى نتيجة مفادها أنه لا ثبات لأي شيء، ومن ثم نفي الصلابة ونفي القداسة والثبات عن المفاهيم الكبرى بما فيها الأخلاق والأديان، وبذلك يصبح النص القرآني عرضة للتغيير والتهميش وتعدد القراءات والاستنباطات حسب الظروف والأهواء. "فهم يرون أن المقدس لم يكن إلا فزاعة سلطوية  كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستخدمها لإضفاء المشروعية على تصرفاته؛ لأنه لا بد من مركز تأسيس مقدس، حتى أضفيت القداسة على كل شيء، وعلى كل ما يُربط بالقرآن الكريم" .

وقد ساهم في ذلك هيمنة المدارس اللسانية، كالبنيوية والتفكيكية، على قراءات النصوص، وظهور الدعاوى المتطرفة مثل: موت المؤلف، واعتبار القراءة صناعة للنص المقروء من جديد، وغير ذلك في استنطاق النصوص.

ومما يرد عليهم به أن بعض القراءات النقدية الحديثة ومنها التاريخانية قراءات إلحادية لا تعترف بالغيبيات، وهي تفسر الواقع تفسيرا لا يتجاوز الماديات، فهي تقرأ الواقع ضمن حدود مادية صلبة تنكر كل تفسير غيبي. ويكفي هذا الأمر تعارضا مع النص القرآني الذي جاء بالغيبيات، فنحن أمة متعبدة بالغيب، فأول صفة لعباد الله المتقين هو أنهم يؤمنون بالغيب، بل إن الإيمان كله قائم على هذه الغيبيات من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر، هذه الأمور التي تحدث عنها القرآن تفصيلا وإجمالا في العديد من سوره وآياته. وكل ذلك من الثوابت الراسخة التي لا تتغير ولا تتبدل ولا تنزاح عن عقيدة المسلم الذي يتعبد بنصوص الوحي. وهذا كله لا يتسق مع ما يدعو إليه التاريخانيون إذ يرون أن الفهم المستقر للقرآن وعقائده وشعائره وعباداته ليس هو كما كرّسه علماء السلف الصالح، وإنما يجب أن يعاد النظر فيه على ضوء مكتسبات العلوم العصرية، وعلى ضوء ما وصلت إليه الحداثة، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بزحزحة الثوابت، وتقويض المقدس.

المبحث الثالث: علاقة النص الأدبي بالتاريخ وأثرها على النص القرآني.

من المعلوم عند النقاد أن النص الأدبي عادة ما يكون في معزل عن التاريخ، فهو يلقي الضوء على الحقبة الزمنية التي ينشأ فيها، مع استقلال في كنهه.

أما النقاد التاريخيون فيرون أن النص الأدبي لا يمكن أن يخرج عن تاريخه، فهو نتاج حقبة معينة لا يتجاوزها، بل يعدون تجاوز النص للتاريخ قدسية له، يتجاوز بها حدود تاريخه الذي نشأ عنه.

وقد ذهب محمد مفتاح إلى تقسيم منهج التاريخانية إلى معتدل ومتطرف، يقول:" إذا أخذنا التاريخانية المتطرفة فلا علاقة بيننا وبين الجاهليين والعباسيين؛ لأن لكل عصر همومه، ومشاغله، ومشاكله، وإبدالاته الفكرية. وأما إذا أخذنا بالتاريخانية المعتدلة فإننا نجد مطلقات ومتغيرات، فالمطلقات هي في كل زمان ومكان، وأما المتغيرات فهي خاصة بكل فرد، أو بكل مجموعة، أو بكل جيل. وإذا أخذنا ببعض المطلقات فإننا نجد أن هناك ما يجمع بيننا وبين أسلافنا من القدماء".

إذا سلمنا بما ذهب إليه محمد مفتاح في النص السابق فإنه يمكن القول بأن المنهج التاريخي يقرأ النص الأدبي قراءتين، معتدلة ومتطرفة. فالقراءة المتطرفة هي تلك التي تقطع العلائق بين النصوص قديمًا وحديثًا، فلا وشائج أو ارتباطات بين النصوص، وهذا ما يحتم غياب العديد من المظاهر النقدية كالتناص مثلاً. وأما القراءة المعتدلة فهي تلك التي تسمح للنصوص أن تلتقي تحت سقف المطلقات المشتركة في كل زمان ومكان، وهذا ما يمكّن النصوص على اختلاف أزمنتها من اللقيا، فقد يشترك نصان في وصف الليل والخيل على الرغم من تباعد زمنيهما، وهذا ما أراده مفتاح من خلال تقسيمه للتاريخانية.

ولكن المتأمل في حقيقة المنهج التاريخاني لن يلمح سوى الجانب المتطرف منه، إذ هو حقيقته وكنهه، فنحن لا يمكننا تجزئة منهج ما ليتوافق مع ما نريد، دون أن نحدث خللاً في أركان المنهج تحيله عن حقيقته التي بني عليها، إذ ينبني المنهج التاريخاني وفق حدود زمكانية لا يتجاوزها إلى ما بعدها، وهي حدود ظهر فيها النص ضمن ظروف مجتمعية واقتصادية ودينية.

ولعل السبب الرئيس الذي من أجله ظهرت دعوات التغيير لبعض أركان المنهج التاريخاني هو إقحام النص القرآني ضمن حدود النص الأدبي دراسة ونقدًا، ومحاولة تطبيق الدراسات الأدبية والنقدية عليه بعدّه نصًا أدبيًا ظهر في الظروف ذاتها التي نشأت فيها النصوص الأخرى. والمتأمل لهذه الدعوات الحداثية بتجرد سيلمح حتمًا تلك القرابة النقدية بين هذه الدعوات العربية والدعوات الغربية التي أقحمت النص المقدس ضمن حدود الإنتاج البشري الخاضع للنقد. ومن هذه الدعوات العربية ما نجده عند أمين الخولي أثناء حديثه عن القراءة التفسيرية، فهو ينقل عن شيخه وإمامه ما نصّه في كون التفسير " محققًا لهداية القرآن ورحمته، مبيّنًا لحكمة التشريع في العقائد والأخلاق، والأحكام على الوجه الذي يجذب الأرواح". ثم يستدرك هذه الفكرة في إلماحة إلى الغرض الأول الذي يعنى به التفسير، وأن ثمة غرضا يسبق الغرض الذي تحدث عنه آنفًا، حين يقول:" ليس بدعًا من الرأي أن ننظر في هذا المقصد لنقول: إنه ليس الغرض الأول من التفسير، وليس أول ما يعنى به ويقصد إليه، بل إن قبل ذلك كله مقصدًا أسبق، وغرضًا أبعد، تنشعب عنه الأغراض المختلفة، وتقوم عليه المقاصد المتعددة ولا بد من الوفاء به قبل تحقيق أي مقصد آخر، سواء أكان ذلك المقصد الآخر، علميًا أم عمليا، دينيًا أم دنيويًا". ولعلنا نلمح بجلاء من خلال النص السابق إقصاء الغرض الأول من إنزال القرآن كونه منهج هداية للناس أجمعين. ثم يعقب بحديثه عن المقصد الأسبق والغرض الأبعد لتفسير القرآن في رأيه حين يرى بأنه" النظر في القرآن من حيث هو كتاب العربية الأكبر، وأثرها الأدبي الأعظم، فهو الكتاب الذي أخذ العربية، وحمى كيانها وخلد معها، فصار فخرها وزينة تراثها؛ وتلك صفة للقرآن يعرفها العربي مهما يختلف به الدين أو يفترق به الهوى، مادام شاعرا بعربيته مدركًا أن العروبة أصله في الناس، وجنسه بين الأجناس، وسواء بعد ذلك أكان العربي مسيحيًا أم وثنيًا، أم كان طبيعيًا دهريًا لا دينيًا، أم كان المسلم المتحنّف، فإنه سيعرف  بعروبته منزلة هذا الكتاب في العربية، ومكانته في اللغة"، ثم يختم هذه الفقرة بالهدف الرئيس الذي كتبها لأجله حين يقحم القرآن ضمن النصوص الأدبية القابلة للنقد والتمحيص والمراجعة، حين يقول:" دون أن يقوم ذلك على شيء من الإيمان بصفة دينية للكتاب، أو تصديق خاص بعقيدة فيه".

المنهج والتوظيف

يتضح للقارئ من خلال ما سبق طرحه أن منهج التاريخانية يسعى إلى الكشف عن تاريخية الخطاب القرآني حين يربطه بالبيئة التي نشأ فيها جغرافيا واقتصاديا وعشائريا ضمن حدود القرن السابع الميلادي. ولا شك أن القرآن الكريم قد تناول هذه المرحلة بكل سياقاتها، ليكون منهجًا وتشريعًا مستمرًا وصالحًا لكل زمان ومكان، كيف لا، وقد ختم الله بهذه الرسالة جميع الأديان فكانت هي التشريع القائم بأحكامه الإجرائية وقيمته التشريعية.

ولعل تساؤلاً يخامرنا عند هذه النقطة بالتحديد، وهو كيف يمكن لمنهج قرائي يضع حدودًا زمنية ومكانية واضحة له، أن يتعامل مع نص طبيعته تجاوز هذه الحدود؛ تبعًا لصلاحيته الشاملة المستمرة التي لا تنتهي، ولا يحدها زمن أو مكان؟

نحن في حاجة إذن إلى السعي نحو المساواة بين النص القرآني وغيره من النصوص التي تبحث في الكيفية والظروف التي تشكَّل فيها النص من كونه نصًّا واقعًا في الزمان والمكان! وهذه الظرفية الزمكانية تنطلق من النظر إلى النص بوصفه حاملا للظروف التي تشكل منها وليس بكونه نصا مفارقا أو نصا مجردًا متعاليا عن المؤثرات الواقعية! .  وهذا تحديدًا هو ما يدعو إليه القائلون بقراءة النص القرآني من خلال المنهج التاريخاني، وعلى رأسهم محمد أركون الذي يفترض تطلب هذا العمل أمور، منها:"

عدم الاعتقاد بتعالي النص (ويقصد بذلك القرآن الكريم) على الكفاءات اللغوية في اللغات البشرية .

وصول النقد إلى جذور الأشياء دون الاكتفاء بدغدغتها، كما يزعم أركون .

إعادة كتابة تاريخ تشكل النص القرآني قبل المراجعة النقدية .".

ولعلنا نلحظ مما سبق استحالة توظيف المنهج التاريخاني على النص المقدس؛ تبعًا لاشتراطات البيئة الغربية التي نشأ فيها، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تشابه أو تقارب البيئة الإسلامية. على الرغم من المحاولات العديدة البائسة التي حاولت قراءة القرآن قراءة تاريخية؛ اجترارًا " لخطط القراءة التي استخدمها الغربيون في قراءة التوراة والإنجيل، وهي خطط ثلاثة كان هدفها دائمًا هو الانفصال والانقطاع عن الدين"، ومن هذه الخطط:" خطة الأرخنة: وهي وصل هذه النصوص بسياقها التاريخي وبظروفها، والغاية من ذلك هو صرف الأحكام التي جاءت في النصوص الدينية، أي صرف ما اصطلح على تسميته بـ "الحكمية"، أي صلاحية الأحكام لزمان آخر غير الزمان الذي وردت فيه".


الخــــــاتمة

نخرج من خلال هذا البحث بنتائج من أهمها:

- قد تختلف تسمية المنهج التاريخاني بين بعض المسميات لكن مؤداها واحد مع اختلاف قليل في العمل.

- يمكن الكشف عن حقيقة أي منهج نقدي ضمن إطاره الفلسفي، والبيئة التي نشأ فيها.

- أثبت البحث عجز المنهج التاريخاني عن قراءة النص القرآني من خلال أدواته وطبيعته الخاصة.

- يبحث المنهج التاريخاني في أي نص من خلال زمنه ومكانه الذي نشأ فيه، وكذلك من خلال بيئته ومجتمعه.

- يستطيع المنهج التاريخاني استكشاف أي بيئة من خلال النص الذي نشأ فيه زمنا ومكانا.

- بناء على طبيعة عمل المنهج التاريخاني فإن كل نص يتعامل معه يعبر عن حقبة تاريخية معينة.

- يمكن استكشاف طبيعة الحياة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا من خلال تسليط المنهج التاريخاني على أي نص محل الدراسة.

ختامًا، أحسب أن هذه الدراسة كانت محاولة جادة في البحث والتقصي عن مدى قدرة  المناهج النقدية الحديثة - كالمنهج التاريخاني - على قراءة النص القرآني، وقد خرجت الدراسة بنتائج تم ذكرها آنفا. وأرجو أن يكون هذا البحث نقطة انطلاق أخرى لدراسات قادمة تسهم في الذود عن كتاب الله ونصه المقدس الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

 


 

المصادر والمراجع

ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، ط1، (دار الفكر، بيروت، 1401هـ).

ابن منظور، لسان العرب، ط3(بيروت: دار صادر، 1414هـ).

أمين الخولي، دراسات إسلامية، ط1(القاهرة، دار الكتب المصرية، 1996م).

أندريه لالاند، موسوعة لالاند الفلسفية، ط2، (منشورات عويدات، باريس، 2001م).

تركي علي الربيعو، الإسلام وملحمة الخلق والأسطورة، ط1، (المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1992م).

جميل صليبا، المعجم الفلسفي، ط1، (دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1982م).

حسن حنفي، الوحي والواقع – تحليل المضمون، ط1، (مؤسسة هنداوي، القاهرة، 2010م).

خالد بن عبد العزيز السيف، ظاهرة التأويل الحديثة في الفكر العربي المعاصر، ط3، (مركز التأصيل للدراسات والبحوث، جدة، 2015م).

سعد البازعي وميجان الرويلي، دليل الناقد الأدبي، ط3، (المركز الثقافي العربي، 2002م).

سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، ط1، (دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1405هـ).

طه عبد الرحمن، الحوار أفقا للفكر، ط1، (الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، 2013م).

عبد الله العروي، العرب والفكر التاريخي، ط5، (المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2006م).

عبد الوهاب المسيري، إشكالية التحيّز، ط2، (المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الولايات المتحدة الأمريكية، 1996م).

عمر زهير علي، القراءة الحداثية المعاصرة للقرآن الكريم في المغرب العربي وأثر الاستشراق فيها "محمد أركون" أنموذجًا، ط1، (دار العصماء، دمشق، 2017م).

عمر زهير علي، القراءة الحداثية المعاصرة للقرآن الكريم في المغرب العربي وأثر الاستشراق فيها "محمد أركون" أنموذجًا، ط1، (دار العصماء، دمشق، 2017م).

محمد أركون، الفكر الإسلامي - قراءة علمية، ترجمة: هاشم صالح، ط2، (المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1996م).

محمد أركون، الفكر الإسلامي - قراءة علمية، ترجمة: هاشم صالح، ط2، (المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1996م).

محمد أركون، القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني، ط2، (دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، 2005م).

محمد أركون، قضايا في نقد العقل الديني، كيف نفهم الإسلام اليوم، تر: هاشم صالح، ط1، (دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت).

محمد التهانوي، موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، تحقيق: علي دحروج، ط1(بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 1996م).

محمد مفتاح، مجلة آفاق عربية، (وزارة الثقافة والإعلام، دار الشؤون الثقافية العامة، 1990م)، مجلد15، العدد1.

نايلة أبي نادر، التراث والمنهج بين اركون والجابري، ط1، (الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2008م).

نصر حامد أبو زيد، النص، السلطة، الحقيقة، ط1، (المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1995م).

 

 



Powered by Froala Editor